المصدر: جريدة النهار
عودة جيش المستشارين وعميد من جامعة خاصة للإصلاح رئيس اللبنانية يقدم 8 بحوث لتصنيفه ولجنة "حزبية" للتعاقد
حين تسلّم رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور فؤاد أيوب مهماته قبل نحو ستة أشهر، توقع أهل الجامعة أن يفتح صفحة جديدة مدخلها ورشة إصلاح تعيد هيبتها وتسترجع وظيفتها. توقعوا أن يحسم بتعزيز المجالس الأكاديمية التمثيلية، وفي مقدمها مجلس الجامعة في مواجهة أي محاولات تلاعب بتركيبتها التنظيمية، أو التحايل على قانونها. وإذ يفاجأ الجميع أن الأمر يقتصر على شؤون إدارية عادية، من دون أن يبادر إلى تحصينها أكاديمياً، ويعزز استقلاليتها.
وعلى ما يظهر، وفق ما ينقل من مجلس الجامعة واجتماعاته من خلال أعضائه، أن الرهان على إصلاح جذري للجامعة لا يزال صعباً كي لا يقال مستحيلاً، انطلاقاً من التصرفات والقرارات العجيبة، وبعضها يصنف في دائرة المخالفات، التي يتخذها رئيس الجامعة، وفق أحد أعضاء مجلس الجامعة. فليس الأمر تفصيلاً عندما يعيد رئيس الجامعة جيش المستشارين السابقين إلى موقع القرار وبامتيازات خاصة على ما يؤكد عضو المجلس، خصوصاً أولئك المقررين في الشأنين الإداري والقانوني، وهم من كانوا كمستشارين لرئيس الجامعة السابق يقدمون الاستشارات التي أدت في كثير منها إلى مخالفات قانونية. ورئيس الجامعة الجديد الذي كان مطالباً بتقويم المرحلة السابقة ومكافحة الفساد ووقف الإهدار ومحاسبة المرتكبين من دون ظلم أحد، سقط في ثغرة كبرى، تتمثل في قراره تكليف عميد في جامعة خاصة غير معروفة، لديه بعض ساعات التعاقد في الجامعة اللبنانية، ليتولى مهمة وضع خطة وتصور اصلاحيين لادارة الجامعة، بدلاً من أن يستفيد من الطاقات الموجودة للشروع في الإصلاح، والعودة الى المجالس الأكاديمية بدءاً بمجلس الجامعة، كي لا يضيع الوقت والفرصة لاصلاح منتظر بعد سنوات من الفوضى الادارية والتنظيمية والتدخلات السياسية في شؤون الجامعة.
أما الثغرة الثانية التي جعلته أسيراً للقوى السياسية التي تتحكم بالجامعة، فكانت قراره تشكيل لجنة متابعة ملف التعاقد بالتفرغ برئاسته ومن أسماء اساتذة أعضاء في مجلس الجامعة تحت رقم 1517 تاريخ 1 حزيران الجاري، لكنهم ممثلون لقوى سياسية وطائفية في لبنان، إلى حد أن الذي يقرأ أسماء المكلفين يجدهم يمثلون "تيار المستقبل" و "حزب الله" و"التيار العوني" و"الكتائب" و"القومي" و"القوات" و"حركة أمل". ومهمة اللجنة التدقيق بالأسماء المرفوعة من مجالس الفروع والوحدات ودرسها لرفع أسماء المستحقين والمستوفي الشروط للتفرغ الى مجلس الجامعة، علماً أن اللجنة وان كانت مؤلفة من اساتذة أعضاء في مجلس الجامعة إلا أنها ستحدد الحصص وفق التوزيع الطائفي والمذهبي وليس لحاجات الكليات، ما احبط العديد من الاساتذة الاكفاء الذين ينتظرون فرصتهم للتفرغ في الجامعة من قبل لجنة أكاديمية تؤكد حياديتها ورصانة موقفها.
في المقابل، وقبل أن يناقش مجلس الجامعة اللبنانية في آخر جلسة له، مشروع اقتراح قدمه رئيسها الدكتور فؤاد ايوب لتعديل المادة 44 من القانون 392 تاريخ 8/2/2002، ويسقطه رفضاً لتحويل عقود الأساتذة فصلية، كان موضوع بحوث الأساتذة بنداً رئيسياً على جدول أعماله في جلسة سابقة. لكن لم يقوّم مجلس الجامعة بحوثاً مقدمة من أساتذة، ولم يضع معايير لها، علماً أن مراسيم عدة وقرارات تنظمها وصولاً الى التصنيف والاستفادة من المرسوم 81/12 وتسوية أوضاعهم انطلاقاً من المادة 5 منه، انما كان عنوان الجلسة إقرار بحوث قدمها رئيس الجامعة بنفسه وقومتها لجنة يترأسها عميد كلية طب الأسنان بالتكليف الدكتور طوني زينون ويوقع عليها باعتبارها بحوثاً أصيلة اضافها بخط اليد خلال الجلسة من دون استئذان رئيسها والمجلس لإدخال تعديل على القرار.
وتبين أن البحوث التي اصر رئيس الجامعة على تقديمها في الجلسة السابقة للمجلس وعددها 8 هي قديمة بينها مشاركة في مؤتمرات وبراءات اختراع، وقد درستها اللجنة الخاصة، وأقرها المجلس. وبإقرارها يستفيد رئيس الجامعة من مبالغ تعويض تصل الى 300 مليون ليرة عند التقاعد، استنادا الى الدرجات الإضافية لرتبة أستاذ، علماً أن هناك آلية قانونية في الجامعة لتقويم البحوث وتصنيف الاستاذ الجامعي بعد نيله درجة الدكتوراه، حيث يفترض أن يقدم بحوثه خلال 5 سنوات بعد تصنيفه أستاذاً مساعدا لنيل رتبة الأستاذ. أما إقرار البحوث بعد هذه المدة فتمنحه درجات إضافية بالتوازي مع تصنيفه. لكن المشكلة وفق أحد أعضاء المجلس، فتكمن في طبيعة اللجنة المكلفة برئاسة عميد كلفه رئيس الجامعة بالعمادة وبرئاسة اللجنة معاً. علماً أن رئيس الجامعة صار متفرغاً في عام 2014.
وبينما ناقش مجلس الجامعة في جلسته الأخيرة أوضاع المعاهد العليا للدكتوراه، والتي لم يتخذ قرارات بشأنها، سأل رئيسها عمداء المعاهد الثلاثة عن الأعداد التي تتخرج سنوياً، وطلب من كل عميد درس اقتراح أن يأخذ رئيس الجامعة حصة بعشرة اسماء يحددهم للتسجيل بالدكتوراه، وهو أمر يحتاج اساساً الى موافقة مجلس الجامعة، لكن تبين أن كل المناقشات والآراء التي تعرض في اجتماعات مجلس الجامعة لا تدون في المحاضر، فيكتفي النص بتسجيل القرارات، وهو ما اثار مشكلة لم تحل حتى الآن، ورتب على أعضاء مجلس الجامعة مسؤولية قانونية وأكاديمية.
وبينما قرر رئيس الجامعة مناقشة بحوثه وتصنيفها، للاستفادة لاحقاً من التعويضات وفقاً للقانون 12/81، عمم بمنع صرف كلفة المشروبات الكحولية للوفود في المؤتمرات والورش التي تستضيفها الجامعة، علماً أن الجامعة تستضيف وفوداً أجنبية بالتبادل، ما يؤدي الى إحراج في هذا الموضوع.
في الاجتماع الأخير لمجلس الجامعة سقط مشروع رئيسها تحويل التعاقد الجامعي الى فصلي. وفي انتظار الإصلاح الحقيقي، كيف سيتعامل مجلس الجامعة مع طلب سيارة جديدة للرئاسة على حساب موازنتها؟